الأنوثة في مهب جولي ووهبي..

في زمن مضى تفتحت الأنوثة بلحظة مباغتة وجارفة في بداية الستينات ودشنت المرأة عهدها الجديد بقلم سيمون دو بوفوار وبريجيت باردو في فيلمها "وخلق الله المرأة"، ومشت حافية على شاطئ بدائي الموج، واحتفت الماء بعريها الباهر وخرجت بوصفها حواء الجديدة واجتاحت موضة البكيني شواطئ أوروبة وأمريكا، وحتى الشرق الأوسط كان له حصته الجميلة من ذلك الزمن..
كان لأنوثة ذلك الزمن نكهة الجمال الكامل المطعّم بالثقافة رغم أن فرانسواز ساغان لم تطرح نفسها كمناضلة "نسوية"، لكنها ساهمت برفع أسهم المرأة الثقافية وأصبحت الثقافة "موضة" ومطلوبة إضافة إلى الجمال، أي أن الجمال وحده لا يكفي..
ومرت عدة عقود لتفرز الأنوثة نفسها من جديد وتأتي بصيغة مواكبة للتطور، أصبح التجميل عالماً قادراً على تغيير الملامح وتبديلها وتحويرها وتحريفها ونفخها وشفطها وقصها ولصقها، وطبعاً تزويرها، وبدأ العالم يعرف نمطاً جديداً من الجمال "المصنّع"..
هوليود حافظت على سلامة وجهها الجمالي إلى حد معقول، وتميزت طلات نجماتها المصنفات كجميلات على قدر معقول من الجاذبية والجمال والطبيعية مقارنة مع ماضيها الحافل بابتسامة مارلين مونرو..
ومؤخراً احتلت أنجلينا جولي صدارة لائحة فوربس الأمريكية لأقوى المشاهير، بعد أن عززت أنوثتها بقصة عشق شغلت هوليود مع أشهر وأكثر رجال هوليوود وسامة، ولاحقاً أنجبت ودارت العالم وهي تنجز الأعمال الخيرية، بالمقابل لدينا أشهر امرأة – حالياً - هيفا وهبي، وقد سبقني راغب علامة بوصفها أنها "أذكى امرأة"!
كنا على مقاعدنا الدراسية الأولى في الجامعة عندما بدأت هيفا وهبي الغناء، وأذكر كيف "سخرنا" من فكرتها، وزملائنا الشباب تحديداً أكدوا أنها لو تكتفي بحلاوتها وتطل علينا بدعايات المعكرونة وغيرها من الدعايات التي اعتدنا رؤيتها بها على التلفزيون السوري، لكنها كانت طموحة وبالفعل ذكية عندما راهنت على حال ذائقة الشارع العربي ولمست جوهر تلك الذائقة المفخخة بهوى الجسد الممتلئ والمنفوخ، وهكذا وجدت طريقها إلى أذن المستمع عبر جسدها، وفتحت الباب على مصراعيه لموجة من حسناوات الغناء، وجئن مع عدساتهن الملونة اللاصقة وصدورهن البالونية ووجناتهن الخرافية، وبررن أنفسهن "ماحدا أحسن من حدا".
هيفا لها الفضل في تقديم الشيفرة المناسبة لإمتاع "زلم العربان" وعلى خطاها مشين باقي النجمات والمغنيات تقريباً دون استثناء.. حتى المطربات اللواتي امتلكن موهبة الصوت بحق تملكتهن الغيرة من السيدة "وهبي" ونفخن وجناتهن واستعن بالعدسات.. وإلخ.
باختصار، عربياً لدينا الأنثى المهزوزة وغير الواثقة بنفسها، تحتمل كل سرطنات البوتكس والسيليكون لخاطر أن تنال إعجاب رجل يستعملها مرة واحدة ويستبدلها بأخرى "منفوخة أكثر".