في عالم التابوهات
ثقافة
الاحد 21-6-2009
يقدم لنا هذا الكتاب المتعة والفائدة ويسدّ ثغرة ثقافية لموضوع غُلّف بقشور التخلّف وبراقع كاذبة، اتهم بها ديننا الحنيف وتراثنا وحضارتنا،
حيث يسقط الباحث الطبيب عبد اللطيف ياسين قصاب الضوء على الجنس والمرأة عبر العصور منذ أيام البابليين والآشوريين والمصريين القدماء، مروراً باليونانيين والرومانيين والصينيين والهنود واليهود والمسيحيين والمسلمين، حتى عصرنا الحاضر.
[size=16]
[size=16]لقد أشار الباحث في كتابه ومقدمات كتبه السابقة للفارق الدقيق بين حديث يخدم العلم وآخر يستغله ويغتنمه، وبديهي أن هذا التكرار في الإشارة يعكس ما يشعر به الدكتور ياسين من قلق إزاء الخوض في موضوع بالغ الأهمية والحساسية، يقبل الريبة ممن يريد سوء الظن، مثلما يتسع للعرفان ممن يدركون أهمية مجابهة الأوهام التي تحيط بموضوع الجنس، وما تقود إليه من أمراض فتاكة بل مميتة أيضاً.
[size=16]لقد حرص الباحث ياسين في كل ما كتبه عن الجنس والمرأة على ربط مفهوم الجنس بمنظومة القيم الإنسانية، للارتقاء بهذه العملية الغريزية بين الذكر والأثنى إلى الأبعاد السامية التي أرادها الخالق العظيم لمخلوقاته حين جعلها زوجين اثنين ذكراً و أنثى.
[size=16]والطريف أنه في قصة الحضارة الإنسانية ما يثير الدهشة والاستغراب من طرائق الكثير من الشعوب في التفاعل مع الجنس في أسلوب الممارسة وفي الطقوس التي تسبقها، وفي الإطار الاجتماعي الذي تتم فيه والتأمل في هذا الموضوع سيعمق إيماننا بعظمة التشريع الإسلامي موقفاً، وأسلوباً، وقانوناً، واحتواء للنتائج.
[size=16]ويكمن فضل الطبيب ياسين في إلقاء الضوء وتبيان أهمية المرأة للعطاء، لأنها مع الرجل يشكلان قطبي البشرية، فالمرأة صانعة للرجل، بينما تأرجحت النظرة إلى المرأة عبر التاريخ، فمنهم من عدّها كائناً منحطاً يوحي بالإثم والخطيئة والشرور، ومنهم من منحها المكانة المرموقة في المجتمعات أو عدّها صورة جميلة ورمزاً للإغواء تستغل من قبل المؤسسات اللاأخلاقية.
[size=16]ولقد عرج المؤلف في نهاية مطاف سفره الضخم إلى بحث مهم جداً مدعوم بالأرقام والوثائق والإحصائيات عن العبث العلمي والأخلاقي والإنساني ونهاية القطب الأوحد (الولايات المتحدة) حيث عندما ينتهي الحاضن لاسرائيل ينتهي المحضون.
[size=16]ولقد قدّم الدكتور الأديب الباحث رياض نعسان آغا للكتاب بقوله: (أخطر مناطق الكتابة هي الدين والسياسة والجنس) تلك التي يسميها المثقفون التابوهات الثلاثة، التي ما إن يقترب الكاتب من احداها حتى تنطلق صفارات الإنذار... إنذار الرقابة... وتنفتح عيون العسس وآذان المخبرين لترقب الفتنة التي سيحدثها اختراق المناطق المحرّمة.
[size=16]ولكن الكتاب والمفكرين يصممون على الاقتحام ويدخلون الصراع ويؤثرون خوض السِّجال في الدين والسياسة تاركين الجنس على الأغلب، ميداناً شبه مغلق لخطورة الدخول إلى خدوره والكشف عن أسراره وستوره.
[size=16]ولقد كان هاجس الدكتور عبد اللطيف هو تنظيم الأسرة العربية من خلال تثقيفها ثقافة جنسية تكشف الغطاء عن الوهم الذي يدمّر أمنها وسعادتها لنشر الحقيقة العلمية التي تمكن عماديها الزوج والزوجة من حياة سعيدة مطمئنة.
[size=16]ولقد صدر هذا السِّفر الضخم في /720/ صفحة من القطع العادي للكتاب عام (2009) بحث فيه المؤلف نظرة البشرية للجنس عبر التاريخ والاسهامات المتناقضة عند الاغريق (اليونان) والأساطير الرومانية والجنس عند قدماء الصينيين والعهد الأول للمسيحية وفي عهد الجاهلية والإسلام ومواقف القرن التاسع عشر من الجنس ومكانة المرأة في أوروبا وأميركا في العصر الحالي.
[size=16]ويقول الدكتور ياسين في ختام بحثه:
[size=16]«إن مهمتنا اليوم أن نفضح أخطار الزيف الذي يلبس لبوس الحضارة وأن يكشف للناس حقيقته، وأن نحمي أجيالنا القادمة من التلوّث بجرائمه القاتلة وأن نعيد النظر في مضمون وأساليب التربية في البيت والمدرسة والشارع والمؤسسات الاجتماعية، فالتربية هي المعنية بنقل الحضارة من جيل إلى جيل فإن أصابها الاضطراب والانحراف فلابد أن تفنى وتضمحل.
[size=16]لقد دفع المجتمع العربي ثمن مدنيته، فلماذا لا نستفيد نحن من التجربة التي نراها أمام أعيننا؟ ولماذا لا نفحص أسباب الانهيار الذي تعيشه أوروبا وأميركا، أم هو حتم علينا، ومخطط تنفذه الصهيونية العالمية كي نبقى ضعفاء لا نقوى على صد عدوانها وأخطارها القادمة.
[size=16]لقد غرق المجتمع الغربي في مستنقع الجريمة والانحلال والتفكك الاجتماعي بسبب طبيعة الأنظمة الاقتصادية التي تحكم الغرب، والتي تنشر فيه أوبئة البطالة والإدمان، وما تسببان من انجرافات نفسية، وعقلية، تشل طاقات المجتمع وتنذره بالانهيار.
[size=16]بقي أن نقول: إن أسلوب الكتاب يمزج بين الأدب والعلم والسياسة والطب اعتمد فيه المؤلف على مراجع عربية أجنبية تنوف عن الخمسين ولقد سبق للمؤلف الطبيب الدكتور عبد اللطيف ياسين أن أصدر (24) كتاباً ولديه الآن عشرة كتب قيد الإنجاز ونال تكريم اتحاد الكتّاب العرب كعضو بارز فيه.
[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]