حوار حسن م يوسف ..
ونرجو من القراء إبداء الرأي حول المضمون .. علماً بأن زياد نال حصة كبيرة من مواضيع الموقع ولكن نظراً لغيابه الطويل عن سوريا , والله أعلم متى سيعود ؟؟ ولذلك أقتضى التوضيح .. وشكراً
مستوى الجمهور تجلى حتى في طبيعة التصفيق ، ومعرفته المدهشة باللحظة التي يجب أن يصفق بها وباللحظة التي يجب أن يتوقف فيها عن التصفيق.
في أغنية مثل «تلفن عياش»، كان الجمهور يصفق مع الموسيقا ويسكت للمغنيات عند أداء الكوبليهات!
أستطيع القول: إن الموسيقا بالنسبة لي رئة ثالثة ، وقد حضرت الكثير من الحفلات في الدخل والخارج ، إلا أنني لم يسبق أن رأيت تفاعلاً بين جمهور وموسيقي كما شاهدت في قلعة دمشق.
صحيح ،ماحدث شيء كبير، يبدو أن الجمهور سبق أن أعطى لهذه الأعمال وقتاً كي يحفظها بهذا الشكل، لأن حفظ مثل هذه الأشياء لا يتم بمرة أو مرتين. حصل معي شيء ، فأنا أعطي إشارات لقائد الأوركسترا بغرض إعلامه بسرعة المقطوعة القادمة، لكنني بسبب معرفة الجمهور، لم أعد أجرؤ على أن أعزف النغمة المتفق عليها، صرت أعزف السرعة فقط ، كي لا يعرف الجمهور المقطوعة فيصفق عليها قبل أن نبدأ بعزفها ! (يضحك).
قائد الأوركسترا أشبه بجني فهو يرقص بأصابعه وكل كيانه مع الموسيقا ...
الأرمن قريبون جداً منا فهم شرقيون مثلنا، هم يحسون بهذه الموسيقا بشكل جيد ، ونحن نتعاون معهم منذ عام ألفين عندما أقمنا حفلاً موسيقيا بهذا الحجم لفيروز. ومن وقتها وهم يعملون مع فيروز هم والموسيقيون السوريون ، وغالباً ما تكون هذه الخلطة موجودة، لكن نسبة الموسيقيين السوريين في هذا الحفل كانت أكبر لأنهم متوفرون.
سمعت أنك مررت خلال الفترة الأخيرة بحالة إحباط بسبب تدني الفن الرائج وطغيان الفيديو كليب، وتكاثر من يغنون بمختلف أعضاء أجسادهم عدا حناجرهم، كيف تنظر الى حال الفن الرائج الآن ، في ظل طوفان الفضائيات الهابطة التي صار عددها بالمئات ؟
لا والله ، هذه حالة لا يمر المرء بها ، لأنها راحت أبدية، كما أنني لا أتعاطى بهذه الأمور، لأن هذا الوسط لا علاقة لي به. هذا الوسط هو سبب قعودي في البيت عملياً ،فكيف أكون على علاقة به. لأن كل شيء يذهب له؛ الإنتاج وسواه ، صحيح أنني لو فكرت بالعمل على طريقته، عندها يمكن أن أنافسه. ثمة دائماً عروض من المطربين والمنتجين للانضمام إلى هذا النادي ... فجمهورية روتانا ترسل إشارات دائمة لمن يودون الدخول...
تقصد مملكة روتانا؟
بالضبط ، إنهم يجسون النبض دائماً بالرغم من أنهم باتوا قاطعي الأمل . الآن تمكنوا من قضم السوق قطعة فأخرى وتمكنوا من الإمساك به كله على مستوى الإعلام والإنتاج، وهم السبب وراء قعودي أنا وغيري في البيت.
هل تعتقد أن هذا الشيء بريء ؟
لا ، ليس بريئاً، خاصة إذا عرفت أن السلفية والفن الهابط مركزهما واحد، وهما من إنتاج جهة واحدة . فمن أين تأتي البراءة لمثل هذا الأمر! انظر إليه هنا كم هو منفتح وهنا كم هو ... إنه أصولي في المسألتين!
علمت أن عاصي كان يسألك دائما عن كل لحن جديد يقوم به، إن كان جميلا أم لا... وقرأت على لسانك قولك: « لم يكن عاصي يختار النسخ التي انا ابن السادسة من عمري، أختارها، ولكنه كان أسلوبه ليجعلني أشعر أن لي رأيي الخاص الذي أعتمد عليه...»
ماذا عن علاقتك بعاصي وأسلوبه في تنمية شخصيتك المستقلة؟
اعتقد أنه كان يعلمني بشكل مواز مع الأستاذ الآخر الذي كان يعلمني الموسيقا وهو الأستاذ بوغوص جيلينيان ، الذي رافق الرحابنة لفترة طويلة على البيانو . يبدو لي أنه كان يعلمني، دون شعور مني ، ذلك الجزء الذي توصل إليه بالتجربة في مجال الموسيقا، كان أحيانا يقدم المعلومة كما لو أنه يطرح علي حزورة. وأنا لا أعرف ما إذا كان بحاجة لرأيي حقاً، غير أنني أستبعد عدم تأثره به.
أول عمل أنجزته كان ديواناً شعرياً بعنوان « صديقي الله » كتبته بين عامي 1967 و 1968 وفي ذلك الوقت كنت في الثالثة عشرة من عمرك . والحق أنني قرأت هذا الديوان مؤخراً فأثأر اهتمامي.
عاصي هو الذي جمع تلك الكتابات وطبع منها حوالي خمسمئة نسخة وزعها على أصدقائه،دون أن ينزلها الى السوق ، يبدو لي أنه كان يعتبرني الطفل المعجزة.
(يضحك) لكنني ما إن مرض أبي حتى قمت بجمع النسخ المتبقية وأخفيتها!
في الديوان أفكار فلسفية كبيرة، كيف وصلت إليك؟
المرء يتأثر مباشرة ، كان في بيتنا كمية من كتب طاغور وأنا كنت أقرأ ما أراه أمامي وهناك تركيز على طاغور ، أما من هو طاغور فلم أكن أسأل.(يضحك).. أنا عندما أقرأ ذلك النص الآن، أشعر أن طفلاً كتب شيئاً في عمر معين ثم قام والده بطباعة ما كتبه ولا أعرف ما إذا كان في تلك الكتابات شيء.
أعتقد أنه في تلك الكتابات بشائر زياد الرحباني الذي اكلمه الآن. في تلك الأشعار أهم مكونات عالم زياد الأساسية: نزوعه للعدالة ، حبه للخير والجمال ، ميله للبساطة ، وعلاقته بالله الذي هو عاصمة الخير ، هذه الأشياء يمكن للمرء أن يلمسها بوضوح في تلك الكتابات المبكرة ، وهي تظهر أنك لم تصبح بالمصادفة حليف المضطهدين (صمت).
أنت أيضاً تمارس الصحافة بين وقت وآخر . أنت صحفي من نوع خاص، ما الذي يغريك بعبور باب الصحافة الضيق وأنت تملك أجنحة الموسيقا المفتوحة على المطلق؟
هذه التجربة كان لها هدف واحد، هو المساهمة بإطلاق جريدة الأخبار مع المرحوم جوزيف سماحة. والحق أنني عانيت لأنني اكتب الدارج بسهولة، وقد أردت أن أساهم في الجريدة، لكنني لم أفكر بتلك المساهمة كعمل صحفي بدليل أنني لم أستطع أن ألتزم بحجم معين، ولم أستطع أن أعرف كيف يستطيع الصحفي أن يضبط نفسه بأربعمئة أو خمسمئة كلمة. صحيح أن جوزيف قال لي اكتب بالشكل والحجم الذي يناسبك، لكنني لاحظت أن قراءة الدارج ليست سهلة لأن العامية ليس فيها مصطلح نهائي. لم يكن هدفي هو التعدي على الصحافة بل كان الهدف هو المساعدة في إطلاق جريدة الأخبار، خارج سياق الإعلام الموجود، لأن جل الصحف باتت مشتراة ، حتى صحيفة السفير التي كانت الأقرب لنا ضاعت لبعض الوقت بعد أن توفي الحريري، وفي هذا الجو أردنا، ونحن مجموعة نعرف بعضنا من أيام الحرب الأهلية ، أن نقدم شيئاً مطبوعاً ، والهدف من المشاركة يكمن في هذه النقطة، لا في الكتابة في الصحافة، فالكتابة النحوية لها ناسها.
أحسب أن علاقتك بلبنان مثل الأرزة يصعب أن تستبدل جبلاً بآخر .
صار الوضع هكذا مؤخراً، أنا لم أكن أعلم أن البلد سيصل إلى الوضع الذي هو فيه، لكن بات من الصعب أن يتحرك المرء من لبنان أو أن يفكر بذلك ، فمثل هذه الأشياء كان يجب على المرء أن يحسمها في وقت مبكر، أن يقوم بهجرة او نصف هجرة ، لأنه يوجد الآن أشخاص يعيشون في بلدين...
لست أظن أنك نادم لأنك لم تحسم خياراتك باكراً.
بلى أنا نادم، لأن الاستمرار هناك بات صعباً جداً . صحيح أنها ليست أمنيتي أن أهاجر، لكن الاستمرار هناك صعب جداً ، فالبلد واقف منذ ثلاث أو أربع سنوات.
هل أفهم من ذلك أن اسم زياد الرحباني وسمعته باتا يشكلان عبئاً عليه؟
الاستمرار في الشغل بات عبئاً ، أما الشهرة والسمعه فهما مجرد ذيول . المشكلة أن استمرار المرء في شغله الموسيقي بات عويصاً جداً، المشكلة هي أن المرء تأخر في اتخاذ أية خطوة أخرى، فأنت عملياً عالق في البلد ، لكن ليس برضاك التام. ظروف الحرب الأهلية تأقلمنا معها ، لكن هذه الظروف لا تنتمي لا للحرب ولا للسلم فهي مزيج من الاثنين.
أنا أضطر، كي اشعر أنني ما أزال أعمل ، لأن أعزف في محلات ومطاعم تصل فيها ضجة الصحون والصراخ لدرجة أنه لا أحد يسمع فيها شيئاً ، رغم ذلك فالناس يأتون، يقطعون البطاقات، ويملؤون المحل، لكن الجو أقرب لجو السوق. وسبب هذا هو أن المرء ليس لديه شيء آخر يفعله. فإنتاج حفل موسيقي أمر صعب جداً ، لذا يضطر المرء للعزف في أماكن ليس من الأصول العزف فيها.
هل تعزف يومياً ؟
لا ، أنا أعزف في المحلات مرة أو مرتين في الأسبوع، لكن مرَّت علي فترة كنت أعزف فيها يومياً. منذ سنتين لم يبق لي كي أبقى متذكراً آلة البيانو والموسيقا سوى أن أعزف في مثل هذه المحلات التي لا توجد قوة يمكن أن تجعل الناس يسمعون فيها شيئاً. والعجيب أنك تجد الناس في حالة انبساط، إلا أنهم يفعلون شيئاً آخر ، فهم يخبرون أصدقاءهم أنهم كانوا يستمعون لفلان!
ثمة لوحة تذكارية تحمل صورتك يوقع عليها عشاق فنك ترحيبا بك ، وهذه اللوحة تتجول في شوارع دمشق يحملها عدد من الشباب الذين ليس لهم من دافع سوى إيمانهم بقيمك ونظرتك النزيهة للعالم، ماذا تقول لهؤلاء الشباب ؟
(يضحك محرجاً ) ماذا أقول لهم ؟ (صمت ) أود أن اسألهم: ماذا يتوقعون مني؟ لكن أول شيء أود أن أشكرهم. تقول إنهم يؤمنون بنظرتي النزيهة للعالم ؟ أعتقد إنهم يحملوني بهذا مسؤوليات كبيرة.
أنت من حملت نفسك هذه المسؤوليات، تاريخك هو الذي حملك هذه المسؤوليات فأنت في المفاصل لم تتاجر ولم تكذب.
صحيح، لكن تكريس هذا الأمر بلوحة وإمضاءات يكرس هذه المسؤولية أكثر واكثر. كما لو أنهم يقولون لي إنه لا مجال أمامك لأن :تلوِّش « أو أن تتعب!
خلال السنوات العشر الماضية لم تقدم أي صوت جديد،ومن تعاونت معهم ، الى جانب فيروز ، هم من ذوي التجارب المستقرة والملامح الناضجة كلطيفة مثلاً.
الشغل مع لطيفة جاء بعد فترة دون عمل، خاصة أن لطيفة تسعى لأن تكون لها خصوصية تتميز بها عن المطربين الآخرين ، ولهذا حصل التعاون خاصة أنها هي من أنتجت العمل.
سمعت أنك عرضت أغنية :« أمِّن لي بيت» التي غنتها لطيفة على فيروز أولاً؟
هذا صحيح ، هناك ثلاثة من الألحان التي غنتها لطيفة كانت لفيروز، لكن فيروز تترك الألحان لفترة طويلة أحياناً، فبلغتها أنني اود أن أشتغل ، فقالت : حسناً.
عندما جاءت الملكة فيروز الى دمشق، تطاولت عليها بعض الألسنة في لبنان، فيما لم يجرؤ احد على تناول زيارتك لدمشق بكلمة واحدة، هل سبب ذلك هو أن مجيئك الى دمشق تزامن مع زيارة الرئيس اللبناني ميشال سليمان؟ أم أن لسانك المشهور بصولاته وجولاته في مجال السخرية ،هو الذي حماك من السنة بعض اللبنانيين؟
(لا أتصور) في كلا الحالتين. المهم أنه لم يكتب كل ما سيكتب حتى الآن. عندي انطباع أنهم كانوا يتوقعون على المسرح أموراً أخرى غير التي قدمناها ، كأن يكون التعاطي مع الناس أكثر أو ان تقال بعض الأمور ... والحقيقة أن شيئاً ما ظل مجهولاً إلى أن التقينا بالناس، والآن بات بوسع المرء إذا كان يُحَضِّر لحفلة أخرى أن يكون أكثر ثقة لأنه بات يعرف أكثر بكثير.
عزفت مع فرقة موسيقية نصفها من العازفين السوريين ،و فيها أرمن ولبنانيون وثلاثة من فرنسا وهولندا، إضافة إلى خمس مغنيات سوريات. كيف تقيم هذه التجربة؟
التعامل مع الموسيقيين في سورية الآن يذكر بشيء قديم لم يكن موجوداً في الماضي إلا في مصر ، وهو متراجع في مصر الآن، لكنه طالع في سورية، فقدرات الموسيقيين في سورية نادرة في الشرق كله ، إذ لديك موسيقي يستطيع أن يعزف في اوركسترا كلاسيكية ، كما يستطيع في الوقت نفسه أن يعزف الربع صوت تماما.
الفضل في هذا يرجع للمعهد العربي والمعهد العالي للموسيقا لأنهما يعلمان للطلبة الميتود الغربي والشرقي في آن معاً.
هذا الشيء لا يوجد بسهولة في أي مكان ، كذلك الأمر في مجال الغناء، فالشابات هنا يستطعن اداء مختلف أنواع الغناء من الأوبرا الى الغناء الإيقاعي الحديث الى التطريب، وهذا الأمر غير متوفر في أماكن أخرى ، لذا يجب أن يستفيد منه الموسيقيون في سورية.
في بيروت الأمر مختلف، فمن يغني الغربي أو الإيقاعي تجد لفظه العربي غلط ، ولا يستطيع أن يؤدي الربع بشكل صحيح. عندما نجلب كورس لفيروز نختاره من فئة غربي ـ شرقي، أي ثلاث بنات من كل نوع لأنه ليس لدينا أشخاص يستطيعون القيام بالأمرين معاً وهذا الأمر ينطبق على الموسيقيين أيضاً. وقد لا تصدق إذا قلت لك إنه لا يوجد عازف فيولا في لبنان. عملوا فرقة سمفونية لكنها كلها مستوردة ، أساسها ليس من اللبنانيين ، بل يتكون من عازفين جاؤوا بعقود وقعدوا، وليسوا نتاج وجود الدولة كما هو الأمر في سورية ، حيث شارك الخبراء الروس في تأسيس الفرقة السمفونية مع طلابهم ثم صار عددهم يقل لصالح المواطنين. هذا أمر ما عندنا شبيه به. بليلة واحدة اتخذوا قراراً بإنشاء فرقة سمفونية فاستوردها المرحوم رفيق الحريري لوليد غلمية، واضافوا إليها بعض المواطنين للتمويه كي لا يتذمروا من عدم وجود لبنانيين في الفرقة، والحقيقة أن الموسيقيين الذين جلبوهم لصالح الفرقة السمفونية، ليسوا جميعاً من نوعية جيدة ، لأننا لا نجلب بعضهم لتسجيل أغنية حتى ولو كانت خفيفة ، نظراً لضعفهم.
عندكم تجد الموسيقيين يتقنون الغربي والشرقي وهذا يشجع المرء على القيام بأشياء يصعب التفكير بها في اماكن أخرى.
الفضل في هذا يرجع بالدرجة الأولى للموسيقي المرحوم صلحي الوادي .
نعم ، سمعت صلحي الوادي عندما كنت في الخامسة عشرة من عمري ، عام 74 عندما كان يسجل موسيقا تصويريه لفيلم سينمائي في استوديو بعلبك بمنطقة سن الفيل في ضواحي بيروت، كان لديه ربع صوت وهارموني منذ ذلك الوقت وكانت تلك هي أول مرة أسمع فيها شيئاً كهذا. وأنا ما أزال أذكر هذا بوضوح.
هناك تجارب متباينة المستوى في مجال تأليف الموسيقا السيمفونية الكلاسيكية في الوطن العربي، من عزيز الشوان في مصر الى وليد غلمية في لبنان، إلا أن تلك الموسيقا لم تتأصل في حياتنا الثقافية ، هل يمكن في المستقبل أن تؤلف سمفونية أو كونشيرتو أو قصيد سمفوني؟
لا أجد من الضروري الالتزام بأي من هذه الأشكال، لكنني فكرت بهذا الأمر عدة مرات، غير أنه ليس من السهل إيجاد الصيغة المناسبة. هناك أشخاص آخرون حاولوا ، ثمة شاب لبناني اسمه عبد الله المصري حاول في هذا المجال ، وقد اقترب كثيراً من الجو الشرقي ، لأنه يسمع كثيراً ولم يقطع علاقته بالموسيقى الشرقية، هناك قريب لنا يدعى بشارة الخوري، لكنه ابتعد عن الشرقي كلياً وانغمس في موسيقا الأصوات (كونتمبورين) ، وهو يعيش في باريس ويتبع المدرسة الفرنسية التجريبية البحتة ، في اعمالهم ، لا تعرف إذا كانت هناك نغمة رئيسة ، ولا يهمهم هذا الموضوع ، فهم يقدمون أصواتاً هرمونية تجريبية، وآخر همومهم أن يرسخ شيء في ذهنك...شغلتهم أن يكسروا الجملة المفهومة. مرة قلت لبشارة الخوري : هناك جملة حلوة في هذه المقطوعة لكنك أفسدتها بعدة أشياء، فقال لي : إذا طلعت معي نغمة بسيطة فهم يعتبرونها بالفرنسي Banal أي سخيفة، ويجب أن «نزعها » بطريقة ما كي يصبح لها طعم !وهذا برايي نوع من الشذوذ في السماع!(يضحك) هم يعملون كثيراً ، لكن موسيقاهم لم تصبح بعد موسيقا للناس حتى في أوروبا. أعتقد أننا يمكن أن نسمع أكثر فأكثر بعبد الله المصري ، رغم قلة الأشياء التي ينجزها، فهو لا يجد الفرصة لإنتاج أعماله ، فإذا كنت أنا لا أجد منتجاً وموسيقاي أقرب الى الأذن فكيف يكون الحال معه هو.
نحن العرب ننقسم الى أقلية غنية مشلولة بسبب التخمة ، وأغلبية مشلولة بسبب الجوع ، كيف ترى المخرج من هذا الشلل باعتبارك صاحب رؤيا؟
يجب أن نأمل دائماً ، تفاؤل الإرادة لا يزال موجوداً. وليس لنا سواه في الأساس، لأنه من غير الممكن أن نتابع دونه.
كيف ترى المخرج من حالة الشلل هذه؟
اعتقد أن قيام الحركة الدينية ، مهما كانت نظيفة ، بوراثة الحياة الحزبية، لا يشكل مخرجاً، الأمر برمته يتوقف على مدى رجوع الحركة السياسية إلى العالم العربي. إذا لم تعد الحركة السياسة للوطن العربي فأنا أعتقد أن ما نحن فيه لا يتجه نحو حل...
هل يتجه نحو مزيد من التأزم ؟
قد يتجه الى مجهول ، لا أعرفه.
قلت في مؤتمر الحزب الشيوعي اللبناني : « لم يخرج من الحزب إلا من كان يجب أن يخرج . الشيوعي لا يخرج من الحزب إلا إلى السجن أو البيت ».
عنيت أن من خرجوا ذهبوا إلى مشاريع أخرى، وما قصدته هو أن الشيوعي لا يذهب إلى حزب آخر، لكنه يستطيع الذهاب الى القهوة أو السينما طبعاً! (يضحك).
هل تعتقد أن الرقابة الاجتماعية في بلداننا تزداد صرامة ؟
أكيد ، الرقابة تزداد مع تنامي التيارات الأصولية ، فهم يضطرون الناس لإعادة النظر في اللغة الشعبية وفي العادات الشعبية أيضاً ، لكنكم برأيي محميين بنسبة عالية من هذا الشيء لأنكم تبذلون جهدكم في التصدي له.
بماذا تعد جمهورك في سورية ؟
أعدكم بأن أقوم جدياً بالبحث عن كيفية جديدة للشغل مع الجمهور السوري، هنا توجد طاقة كبيرة لم أكن أعطيها الاهتمام الكافي.
هل هناك تصورات عملية ، أم أن الأمر لا يزال في طور النية؟
بصراحة وأنا على المسرح كنت أحس بأن ما أقدمه للجمهور هو مجرد بروفة.
هل نعد أنفسنا بلقاء قادم قريب ؟
هنا يتبادل زياد الرحباني النظرات مع الدكتورة حنان قصاب حسن، فتبتسم وتقول: سنحاول أن يكون اللقاء مع زياد الرحباني سنوياً.
أجري اللقاء بعد حفلته بدمشق من 15 وحتى 19 آب 2008
و أنا شخصيا حضرت الحفلة أربع مرات ... وكانت
بتجنننننننننننن
مازانوف