المسلمون اكتشفوا أمريكا قبل أوروبا يقال دوماً في الأوساط الثقافية أن اكتشاف أمريكا كان وبالاً على أهلها، والحق أن يقال أن انتباه الأوروبيين لوجود تلك القارتين غرب الأطلسي كان الكارثة الحقيقية التي نزلت بالشامان والأنكا والإزتك والمايا وبقية شعوب القارتين الأمريكيتين، فوصول الأوروبيين إلى تلك البلاد مزقها وأدى لإبادة أهلها حين لم يكن قد تعلّم الأوروبي احترام الآخر كإنسان وربما لم يفعل بعد.
المسلمون في عهد الخلافة العثمانية علموا بوجود تلك الأرض غرب بحر المغرب "الأطلسي" وعلموا أيضاً بوجود القارة المتجمدة الجنوبية قبل أي أحد آخر في العصر الحديث، لكنهم لم يسارعوا إلى سيوفهم راكبين سفنهم عاقدي العزم على سرقة الأرض وإبادة الناس طمعاً بما لم يمنحه الله لهم.
في 26 آب "أغسطس" 1956 عقد في جامعة جورج تاون في الولايات المتحدة الأمريكية ندوة إذاعية حول خرائط الرئيس بيري، واتفق الجغرافيون المشاركون فيها على أن خرائط الرئيس بيري لأمريكا هي اكتشاف خارق للعادة.
الرئيس بيري "الحجي محيي الدين بيري" هو قائد الأسطول المصري في العهد العثماني وكان مقر قيادته في السويس، وشارك مع عمه الرئيس كمال في حروب الدولة العثمانية ضد البندقية سنة 1498م حتى 1502م، كما اشترك مع عمه أيضا في إنقاذ مسلمي الأندلس ويهودها من الحرق والإبادة من قبل الإسبان في الأندلس.
ولما توفى عمه كمال الرئيس - رحمه الله - ظهر نجم المجاهد العظيم القبُدان خير الدين بربروسة - رحمه الله - فشارك الرئيس بيري مع بربروسة في حملاته ضد الأسبان.
الرئيس بيري كان بارعا في رسم الخرائط، وقد خلف خريطتين هامتين أولاهما لإيبيريا وغربي إفريقيا والمحيط الأطلسي والسواحل الشرقية من الأمريكتين، وقدمها إلى السلطان سليم الأول في مصر عام 1517م ، وبقيتها الآن في متحف طوبقو في إستانبول (60 × 85) سم وعليها توقيع الرئيس، والأخرى لسواحل المحيط الأطلسي من جرينلند إلى فلوريدا (68×69سم) وهي الآن في متحف طوبقو بإستانبول أيضا .
وكان الرئيس بيري على معرفة بوجود أمريكا قبل اكتشافها من قبل كولومبوس، وقد سماها أنتيليا، أو ربما هكذا كانت تسمى قبل أن يكتشفها حتى.
ويقول بيري الرئيس في كتابه الذي صنفه في 1521م ثم وسعه وأضاف إليه في 1525م وقدمه إلى السلطان سليمان القانوني: (إن بحر المغرب "ويقصد به المحيط الأطلسي" بحر عظيم يمتد بعرض 2000 ميل تجاه الغرب من بوغاز سبتة، وفي طرف هذا البحر العظيم توجد قارة هي قارة أنتيليا)، وتعبيره "قارة أنتيليا" يعني العالم الجديد، وقد كتب الرئيس أن هذه القارة اكتشفت عام 870 / 1465م – ولعله يشير إلى اكتشاف الفتية المغامرين لها الذين ورد ذكرهم في كتب الرحلات الإسلامية مثل مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، وكان ذلك قبل اكتشاف كولومبس لها بحوالي 27 سنة.
وقد قال الراهب جزويتي مدير مركز الأرصاد في ويستون: (خرائط الرئيس بيري صحيحة بدرجة مذهلة للعقل وهي تظهر بوضوح أماكن لم تكن قد اكتشفت حتى أيامه في القرن السادس عشر الميلادي، وقد رسم جبال أنتاركتيكا (القارة المتجمدة الجنوبية) بتفاصيلها فيما رسمه من خرائط مع أن هذه الجبال لم يكن أحد قد تمكن من اكتشافها إلا في عام 1952م أي بعده بخمسة قرون في القرن العشرين، وبمقارنة صور الأرض التي التقطت من مركبات الفضاء في القرن العشرين بالخرائط التي رسمها القائد البحري العثماني في البدايات المبكرة للقرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي اتضح التشابه المذهل بين صور مركبات الفضاء وبين خرائط بيري.
طبعاً من المعروف تاريخياً أن كولومبس اعتمد على خرائط عربية أندلسية وبحارة عرب وحتى على إسطرلاب عربي في رحلته الشهيرة (راجع شمس العرب تسطع على الغرب للباحثة الألمانية زيغريد هونكه)، ولكن أيضاً، كان مساعد كولومبس في تلك الرحلة واسمه رودريجو أندلسياً رافق الرئيس بيري في البحر ورافق عم الرئيس بيري وهو الرئيس كمال لفترة طويلة.. ومن المعروف أن البحارة في سفينة كولومبس أعلنوا العصيان وثاروا على كولومبس وأرادوا قتله عندما تأخر اكتشافهم لليابسة ووصولهم لأمريكا فوقف رودريجو حائلاً بينهم وبين كولومبس ودافع عنه قائلاً: (لا بد أن تكون في هذه المياه أرض لأنني تعلمت ذلك في استانبول ومن الكتب البحرية العثمانية وأنا واثق أننا لا بد أن نصل إلى الأرض التي نبحث عنها، ذلك لأن البحارة العثمانيين لا يقدمون معلومات خاطئة وهم لا يكذبون) وبعد ثلاثة أيام من حديثه هذا وصلوا إلى اليابسة. (راجع العثمانيون في التاريخ والحضارة - د. محمد حرب)
لنتذكر معاً أن كولمبوس حين أراد الانطلاق بحملة للوصول إلى الهند (قبل أن يعرف بوجود أمريكا) لم يصدقه أحد لا من الملوك ولا من رجال الدولة ولا حتى من علماء الأديرة "الجامعات" في إسبانيا وحارب سنوات دون يموله أحد، حتى لعب على أوتار النزاعات السياسية فأتاه تمويل برتغالي ثم ما لبث أن طرد من الوسط العلمي والسياسي حين اتضح أن ما وصل إليه لم يكن طريقاً جديدة إلى الهند، بل قارة مختلفة تماماً عن طموحات الإسبان...
فهل احتاج الرئيس بيري إلى تقبيل أحذية الملوك والسلاطين كي يتاح له تمويل حملاته؟ أم أن الدولة العثمانية كانت قد خصصت أصلاً ميزانية ضخمة لرسم الطرق البحرية وكشف وتسجيل الأراضي الغير مسجلة في الخرائط الملاحية.
ما تذكره ويكيبيديا عن الرئيس بيريبيري محيي الدين الشهير بلقب "بيري رئيس" (بيري رئيس أو ريس بيرة) (نحو 877 هـ - 962 هـ الموافق نحو 1470 - 1555 م) هو بحار وراسم خرائط عثماني.
مع اشتداد وطأة الهجمة البرتغالية على كافة البلدان الإسلامية في مطلع القرن السادس عشر، اهتم العثمانيون بالجغرافيا البحرية، واستطاع البحارة العثمانيون آنذاك أن يصلوا إلى المحيط الأطلسي ويبلغوا بحر الهند، ورسموا خرائط السواحل (بورتلاند). وأول من برز في ذلك المجال كان بيري رئيس.
وإذا علمنا أنه كان ربانا على إحدى السفن في معركة مودان البحرية عام 1500 م، وكان عمره آنذاك بين 30 - 35 عاما لأمكننا أن نتوقع أنه ولد خلال 1465 - 1470. نشأ بحارا، واشترك مع عمه كمال رئيس (المتوفى في 16 شوال 916 هـ / 16 يناير 1511 م) في بعض المعارك البحرية، ثم جرى تعيينه قائدا على أسطول السويس، واستطاع الاستيلاء على مسقط عام 1551 م، واشتبك في البصرة مع الأسطول البرتغالي وهُزم في تلك المعركة، ثم عاد إلى مصر، ونتيجة لدسائس والي البصرة قباد باشا تم إعدامه في مصر عام 960 هـ (1552 م) أو عام 962 هـ (1555 م) حسب بعض المصادر الأخرى.
خريطتا العالم1. الخريطة الأولى التي رسمها بيري رئيس للعالم وانتهى منها عام 1513 م ثم قدمها للسلطان سليم الأول في مصر عام 1517 م تضم - في الجزء الذي وصلنا منها - إسبانيا وشرق أفريقيا والمحيط الأطلسي والأقسام التي عُرفت آنذاك من أمريكا وجزر الأنتيل. ويدلنا ضياع قسم منها على أنها كانت خريطة للعالم، ويشار في القسم الموجود منها إلى أن الجزء الخاص بأمريكا تم نسخه إلى الخريطة الضائعة التي رسمها كريستوفر كولمبس عام 1489 م. ومن أكثر الملاحظات المدونة إثارة للاهتمام تلك الملحوظة الخامسة الخاصة باكتشاف أمريكا.
2. الخريطة الثانية فهي خريطة للعالم تحمل تاريخ 1528 م، ويضم القسم الذي وصلنا منها الجزء الشمالي للمحيط الأطلسي وشواطئ الشمال في أمريكا الشمالية من جرينلاند حتى شبه جزيرة فلوريدا. وأهم ما يميز تلك الخريطة أن الجزر وبعض الشواطئ رسمت بشكل يقرب للواقع، مقارنة بالخريطة الأولى.
وأهم ما وضعه بيري رئيس كان "كتاب بحرية" الذي ألفه عام 927 هـ (1520 م)، ثم قام بتوسيعه عام 932 هـ (1525 م)، ثم قدمه للسلطان سليمان القانوني.
للتوسع يمكن مراجعة (أكمل الدين إحسان أوغلي: الدولة العثمانية - تاريخ وحضارة)
أكمل الدين إحسان أوغلي: أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي
للمزيد من خرائط الرئيس بيري:http://en.wikipedia .org/wiki/ Piri_Reis